** الحالة الأولى: الرقيَّـة للمعيُون الذي ينشأ عنده خللٌ في توزيع الطَّاقة الكُليَّة: كما روى البُخَاري عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ، فَقَالَ: (اسْتَرْقُوا لَهَا فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ)، والسَّفعَة: هو سواد في الوجه ومنه سفعة الفرس سواد ناصيته، أو حمرة يعلوها سواد، أو لون يخالف لون الوجه، على هيئة بُقع، وقيلَ: السَّفع سواد الخدين من المرأة الشاحبة.
وبِهَا النَّظْرَةَ: عين من نظر الجن، وقيل من الإنس؛ فلذلك أمر بالاسترقاء لها، وهو دال على مشروعية الرقية من العين.
** الحالة الثانية: في الحالة التي يتعطَّلُ فيها عُضوٌ من العيون عن القيام بوظيفته: كما روى الإمَام أحمد في مسنده عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَزَّارِ مِنْ الْجُحْفَةِ، اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَانَ رَجُلاً أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَهُوَ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلاَ جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ، فَلُبِطَ سَهْلٌ (أي صُرعَ وما استطاعَ أنْ يَتحرَّك)، فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ؟، (أدرك سهلاً)، وَاللهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَمَا يُفِيقُ، قَالَ: هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ؟، قَالُوا: نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ: عَلاَمَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؟، هَلاَّ إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اغْتَسِلْ لَهُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ".
** الحالة الثالثة: ما وَرَدَ في الصحيح، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالَ: (الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ لسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا).
أعاذنا الله وإياكم من شر النفاثات في العقد وشر حاسد إذا حسد..
أي لو أنَّ هُناكَ ما يَسْبقُ القدرَ، لكانَ العينُ؛ لسُرْعَةِ تأثيرهَا، كما وردَ من قبل: أنها تـُسْقِطُ الرَّجُلَ مِن حَالقٍ، فتـُرْدِيهِ قتيلاً.
** الحالة الرابعة: وهي رد فعل المَعين عند سماع العائن: إذا سمعتَ حَسَداً في كلام أحد الناس المُوجَّه لك أو لشيءٍ يخصك، فقـل فوراً في وَجه العائن: "الله أكـبر"؛ لأنَّ التكبير يُطفئُ النار.
** الحالة الخامسة: عند مَعْرفة العَائن الذي تسبب في الضَّـرر، نأمره أن يتوضأ كما وردَ في الحديث، وضوءه للصلاة، ويزيد عليه غسل قدميه إلى أعلى من الرُّكبتين، ويجمع ماءَ الوضوء في إناء، ويَجْلِسُ المَعيون عَلىَ الأرض في أيِّ وضع قاعدا، ثمَّ يُصَبُّ المَاءَ دَفعَة واحدة على رأسه من جهة ظهره، بحيث يُغطِّي ويبلغ ذلك الماء كل جسد المَعين، أو أغلبه، والحكمة من هذا الفعل: أنْ المَاءَ يُطفئ نارَ العَين التي تشتعلُ في جسم المَعِين.
** الحالة السادسة: عند عدم مَعرفة العَائن الذي تسببَ في الضَّرَر، يُحضر إناء به ماء، ثمَّ يقرأ عليهِ المعوذات، وهي كما عرفنا من قبل الصَّمد، والفلق، والنَّاس، ثلاث مَرَّاتٍ بيقين خالص، ثمَّ تختم بالدُّعاء التالي: "بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، وَاللهُ يَشْفِيكَ، مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِيكَ، مِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ"، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثـمَّ يُصَبُّ عليه دَفعة واحدة من خلفه، كالطريقة السابقة تماما، فيقوم "الماء الحي" المَقروء عليه، مقام مَاء الوضوء.
** الحالة السابعة: يمكن القراءة على رأس المَعيون مُباشرة، ما تمَّ قراءته على الماء: تتم القراءة بوضع الكفـَّين أمَام الفم، وقراءة المَعوذات، والنفثُ فيهما، ثمَّ مَسح ما أصاب المَعيون بالضـَّـرر، ويمكن أن يفعلَ ذلك بنفسه، وهو ما ورد في الصَّحيح، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ السَّيدَة عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا".