استخدام المني في السحر: رغم وجود معاصي أشد إثما وأوسع ضررا من الفاحشة، إلا أن جزء من الحقيقة المغيبة، والذي يجب كشفه، أن الفاحشة ليست هدفا في حد ذاتها للشيطان، بقدر ما هي “وسيلة آمنة” للحصول على المني Semen، أو السائل المنوي Seminal fluid، وأهم محتوياته هي النطفة Sperm، قال تعالى: (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى) [القيامة: 37]، والنطفة هي الحيوان المنوي الذي خلق منها الإنسان قال تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ) [الإنسان: 2]. “يجب أن نضع في اعتبارنا أنه بالرغم من وجود خلط شائع في لغة الحياة اليومية، مصاحب للعديد من أبسط المصطلحات العلمية المختلفة، ففي الحقيقة أن “النطفة” ليست هي نفس الشيء مثل “السائل المنوي”، ربما قد تفاجأ؛ إذا ما علمت أن حوالي 1 إلى 5 في المئة من متوسط السائل المنوي البشري يحتوي على خلايا الحيوانات المنوية”. (المصدر)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ يزني الزَّاني حينَ يزني وَهوَ مؤمنٌ، ولاَ يسرقُ السَّارقُ حينَ يسرقُ وَهوَ مؤمنٌ، ولَكنِ التَّوبةُ معروضةٌ). () فلا شغف للشيطان بمني خرج بعلاقة مشروعة، فالزواج والتسمية حصانة له من عبث سحرة الجن والإنس، هذا مقارنة بنزوله في علاقة محرمة، لانتفاء الإيمان حين نزوله بالزنى، وارتفاع الإيمان عن العبد يمثل عنصر أمان بالنسبة للشيطان، فيستحل المقذوف المنوي. ففي حالة الزنى يخرج المني مفتقدا للحصانة الربانية، فيتسلط الشيطان على هذا المني، فيسحر للزاني ومن ثم يصاب بالمس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا زنَى العَبدُ خرجَ منه الإيمانُ، فكان فوقَ رأسِه كالظُّلَّةِ، فإذا خرجَ مِن ذلك العَمَلِ؛ رجع إليهِ الإيمانُ). ()
ولك أن تتخيل حال من يزني بالمومسات والعاهرات، فينقلن الأسحار من خلال فروجهن من هذا إلى ذاك، فتكون فروجهن وأرحامهن وكرا للشياطين ومخزنا للأسحار. أما من خلال الشذوذ الجنسي، فيكون الزوج شاذا جنسيا، وينقل لزوجته الأسحار ممن يتصل به جنسيا، سواء كان فاعلا أم مفعولا به، من خلال ما يتجمع داخل دبر المفعول به من مني مسحور. وقد مر بي حالات مرضية من هذا النوع، كانت بيوتهم خراب بما تحمله الكلمة من معنى، لا بركة في الصحة والمال والزوجة والولد، بيتهم قطعة من الجحيم. وبكل تأكيد فالسحاقيات لسن أقل حظا من انتقال الأسحار، فتنتقل بينهن الأسحار، من خلال اللعاب عن طريق القبل، ومن خلال اللمس والمداعبات الموضعية، عن طريق الافرازت التي تخرج منهن. لذلك لا أمل في شفاء مثل هؤلاء إلا بالتوبة أولا، والانقطاع تماما عن هذه الأفعال المحرمة، لأنها باب كبير من الشر يحول دون الشفاء، ويعتبر العلاج مضيعة للوقت والجهد.
للمني حظوة ومكانة عظيمة عند السحرة، وذو أهمية بالغة في صناعة المركبات السحرية، لأن المني عنصر طاهر من مشتقات الدم، فهو يحمل المادة الأولية لخلق الإنسان، قال تعالى: (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى) [النجم: 45، 46]. ولأن الجن كائنات حية عاقلة، فهم يتناكحون ويتناسولون كالبشر تماما، فلهم ذرية كما في قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) [الكهف: 50]، وبالتالي فللجن مني كما للبشر مني، يخلقون منه كما نخلق نحن، وكما تخلق منه سائر الحيوانات، إلا أن خصائص مني الجن تختلف تماما عن خصائص مني البشر، ولسحرة الجن اختصاص وعمل مع المني، فيستفيدون منه بطرق خاصة بهم تزيدهم قوة، لذلك يحرص سحرة الجن على جمع أكبر كمية من المني، ليدخل بشكل أساسي في صناعة السحر. وفي المقابل نجد شياطين الجن يبذلون منيهم قربانا إلى سحرتهم ومعبوديهم، وبما أن الفاحشة هي السبيل الآمن للحصول على هذا المني، فإن الفاحشة متفشية بين الشياطين، فيراهم المرضى يمارسون الفاحشة فيما بينهم، بل وفي حالة (المس العاشق) يقومون بالاعتداء على المريض جنسيا، لهدفين؛ تدنيس المريض، وللحصول على منيهم.
إلا أن الأمر يختلف تماما في (طبقة اللاهوت)، فالراهب قد وصل إلى مرحلة من التشبع الجنسي، فيترفع عن ممارسة الجنس بكافة صوره وأشكاله، وإن كان الأمر لا يخلو من وجود كبت جنسي دائم، خاصة وأنه يحرص على ادخار طاقته الجنسية، مما يضخم رصيده من المني المسحور المدخر، وطالما أنه يحتفظ به فهذا يمثل له مصدر قوة وطاقة سحرية كامنة، فلا يهدرها في التقرب لغيره، كسائر الشياطين والسحرة ممن هم أدنى منه رتبة، وهذا سر قوته. فكلما فقد الراهب مخزونه من المني المسحور، كلما ضعف وخارت قوته، فهو منقطع عن ممارسة الجنس، فهو يخالف عادة سائر الشياطين، لذلك يحتفظ داخل جسده (بالمني)، ويحرص على أن لا يهدره في ممارسة الزنى، وإلا تراجع عن منزلته ورتبته، وهذا يحرص على أن لا يصل إليه.
على كل الأحوال الطبقات العليا من سحرة الجن، لا يصل إليها أحدهم باجتهاده، إنما يتم انقائهم بعناية من قبل العالين من سحرة شياطين الجن، بحيث لا يمكن لأحدهم التراجع عن ما وضع فيه من درجة. إنما هناك من سحرة الجن من وصلوا لنفس المستوى، لكنهم لم يحظوا بقبول العالين، لوجود قصور أو عيوب فيهم، وبالتالي لا يتم منحهم تلك الرتب والدرجات العالية، وهؤلاء يسهل التعامل معهم، على عكس من وصلوا إلى الرتب العالية بالفعل، فهؤلاء لهم شأن مختلف في التعامل معهم، لأنهم يحظون برعاية وحماية العالين من سحرة الجن، فالدخول في صراع معهم ليس بالأمر الهين والسهل، ويحتاج نوع خاص من المعالجين ذوي العلم، والقدرة على التحاور معهم في شتى العلوم والمعارف الدينية والدنيوية.
ولأن المني عنصر قوة سحرية، فالرهبان يجمعون هذا المني المسحور، ويحتفظون به داخل أجسادهم، كمصدر قوة سحرية يتسلطون بها على المسحور، وعلى خدام السحر، وعلى السحرة ممن هم أدنى منهم رتبة. لذلك يجب استنزاف هذا المني المسحور والتخلص منه، حتى تضعف قوتهم، ولا سبيل للوصول إلى هذا إلا بالاستمناء الإجباري، وبطريقة طبيعية، لا تتعارض مع الشرع في آن واحد، واستخدام المسك يحقق المطلوب وفق هذه الشروط، لأنه يستنزل منيهم المسحور رغما عنهم، وهذا ما سوف أشرحه في موضعه عن حاسة الشم لدى الجن، وعن استخدام المسك