الشيخ بومدين المدير العام
المساهمات : 830 تاريخ التسجيل : 07/03/2017
| موضوع: إدحاض الأغاليط عن حقيقة الزوهري أو الوسيط 06.06.17 18:03 | |
|
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فقد كثر القال والقيل في من يسمى عندنا في المغرب [ الزوهري ] وفي المشرق [ الوسيط ] ، وها أنا سأتحدث في هذا الموضوع بشيء من الجدية، وأبين فيه ما هو الحق وما هو الباطل إن شاء الله، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
إن كلمة زوهري في اللغة مشتقة من (الزهر) وهو: البياض والإشراق والنور، قال شمر: "الأَزْهَرُ من الرجال الأَبيض العتيقُ البياضِ النَّيِّرُ الحَسَنُ وهو أَحسن البياض، كأَنَّ له بَرِيقاً ونُوراً يُزْهِرُ كما يُزْهِرُ النجم والسراج"اهـ، والزَّهْرَاوانِ: سورة البقرة وآل عمران أَي المُنِيرتان المُضِيئَتانِ واحدتهما زَهْرَاءُ، والزهَرة: كوكب، سمي بذلك لأنه أشد الكواكب السيارة ضياء ونورا.
أما في اصطلاح الروحانيين الربانيين: فهو من ولد هوائي الطبع، زهري الكوكب، ومعنى هوائي الطبع: أن يكون برجه هوائيا، والبروج الهوائية ثلاثة: الجوزاء، والميزان، والدلو، لأن من كان كذلك يكون لينا عاطفيا يسرع إليه الإيحاء، ومعنى زهري الكوكب: أن يكون كوكب الزهرة عند ولادته هو الطالع ليأخذ من طبائعه، هذا هو التحقيق في تعريف الزوهري .
وأما ما يقال عند العامة، بل عند بعض الشيوخ، أن الزوهري هو: "إنسان ذكر أو أنثى قصير النظر، لا يستطيع رؤية الأشياء البعيدة، ومن علاماته التي تميزه عن باقي البشر، وجود خط متصل يقطع راحة يده بشكل عرضي، وقد تكون له علامة أخرى على مستوى لسانه بحيث يكون مفلوقا أي: يقطع صفحة لسانه خط بشكل طولي، ويضيف البعض أن شكل عينيه يختلف تماما عن باقي الأعين الآدمية، حيث تتميز ببريق خاص، كما يمكن أن يتميز باختلاف بينهما وهذا الاختلاف عبارة عن تمزق غير واضح في منتهى الجفن" فهذا لا دليل عليه إلا الخرافة والأساطير.
وتذهب الذاكرة الخرافية الشعبية عند المغاربة إلى أن أصل الطفل الزوهري ترجع إلى لحظة الولادة حيث يتم استبداله من طرف الجن بمولود منهم، فهو كائن غير عادي يرى أحيانا أشياء لا يراها البشر...كما أنه لا يتأثر بالسحر أو الطلاسم أو ما شابه ذلك...ويعتبر الزهري مفتاح الكنوز المدفونة تحت باطن الأرض، ولأنه مرتبط بالجن (لاعتباره أحد أبنائهم) فهو لا يخاف من الجن حتى وإن اقترب من الكنز الذي يحرسه عفاريتهم... لهذا الغرض يلجأ "المشعوذون" للاستعانة به لكشف الكنوز ونقلها مباشرة بعد ما تظهر معالمها... وينزل الزوهري إلى المغارات والكهوف لاستخراج الكنوز من نقود وذهب وفضة وجواهر وما إلى ذلك..، في غفلة من الجن الذين يحرسونها... ولو نزل ساحر أو "مشعوذ " لهذا الغرض لتعرض لعقوبات شديدة قد تكلفه حياته أو نفيه إلى مكان بعيد.اهـ
قلت: لقد جعلت مثل هذه القصص والأساطير الشعبية الطفل الزوهري صاحب الخط المتواصل في بؤرة الخطر، بل ساهمت في اهتمام السحرة والمشعوذين به، لذا فإنها قد تؤدي إلى نهاية مأساوية لا تحمد عقباها ينتهي بها "للزوهري" إلى البتر أو القتل، قد يتعرض هذا الطفل البريء للذبح فوق مكان الكنز أو إلى بتر أحد أطرافه قربانا للجن والعياذ بالله، والسبب هو: أن الجن الذين يحرسون هذه الخزائن، متعطشون لهذا النوع من الدم.اهـ
و زعمهم أن الزوهري من أبناء الجن لا حقيقة له، فالزوهري هو ابن من أبناء الإنس لا علاقة له بالجن، وما يكون في خلقته من علامات لا يمكن للجن و لا لأي مخلوق أن يغيره فيه بشكل من الأشكال، فالله هو الذي خلقه فسواه فعدله في أي صورة ما شاء ركبه، وأما الملائكة الموكلة بتكوين الجنين فهي لا تزيد من عندها ولا تنقص شيئا على ما أمرها الله سبحانه وتعالى.
وأما مسألة استبدال الطفل من طرف الجن بمولود منهم فهي صحيحة، ولكن هذا ليس خاصا بالطفل الزوهري، بل لأي طفل، سواء كان زوهريا أم لا، ربما يقول بعض الناس أن هذا خرافة، لكن الأمر ليس كذلك، إذ وقع مثل هذا غير ما مرة لغير ما واحد، ولكن ليس كما يتخيل الناس، فالجن يأتي إلى النفيسة و يسكنون بمولودها الغير المحصن و الذي لم يسم الله عليه و لم يؤذن و لم يقم له في أذنيه، فهذا المولود يسهل على الجن تبديله، ولكن كيف يتم هذا التبديل؟ التبديل كما يقول علماء الروحانيات يكون عند الولادة، فيبدل المولود من القرين أو من عامر المكان، فهما الوحيدان اللذان يبدلان الصغير، فيدعى الأول مقرونا و الثاني مبدل من الجن، وذلك بأن يلبسوا مولودهم بمولود الإنس فيصبح الصغير لا يعرف أمه ولا يشبع في بطنه و يرى عندما تتضح له الرؤية أكثر من المفروض فيرى الجن و الإنس و الله تعالى أعلم بالصواب.
وأما مسألة كون الزوهرى هدفا لأصحاب الكنوز فقط، فليس كذالك بل هو هدف لكل روحاني سواء كان ربانيا أم شيطانيا، فهو البوابة و القنطرة التي يمر بها العالم بهذا العلم الغريب، إلى الضفة الأخرى، و في عالم الكنوز هو الوسيط الخبير الكاشف المفاوض، وما يفعله السحرة أعداء الله والرسول [صلى الله عليه وسلم] الذين نزع الله الرحمة والإنسانية من قلوبهم، من جعله قربانا للجن بالذبح أو بتر أحد أعضائه، فلأن الجن الذين يحرسون هذه الخزائن كما سبق، متعطشون لهذا النوع من الدم بالخصوص ، وما ذاك إلا لأنه يفضحهم ويهتك أسرارهم، فلعنة الله على السحرة والشياطين. ولقد سجلت السلطات المغربية العديد والعديد من مثل هذه الوقائع الفظيعة، نسأل الله السلامة والعافية.
وأما كون الزوهري لا يتأثر بالسحر أو الطلاسم أوما شابه ذلك، فهذا على العكس، بل هو أسرع من يتأثر بذلك لسهولة تلبس واتصال الأرواح به.
ومما يقال أيضا: أن سيدنا سليمان إنسان زوهرى، وكذا بلقيس إذ أن أمها تدعى ريحانة و هي ملكة من ملوك الجن العابدات للنار، وأن آصف بن برخيا بن خالة سيدنا سليمان من الجن، وهو الذى جلب عرش بلقيس، فكل هذه الأقاويل ضعيفة لا تصح، والله أعلم .
وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين |
| |
|