ينبغي على المعالج أن يتعامل مع كل حالة مس على حسب حال المريض ونوع الجان وسبب التلبس ، فإن التحدي واستثارة الجني الصارع بآيات العذاب أو بالأعشاب والكهرباء وغيرها من أساليب التعذيب يعرض المريض إلى أخطار عظيمة، فإن الشيطان لن يتردد في الفتك أو التفلت والانتقام من المريض ، فمن المحتمل أن يؤذيه ببعض الأضرار التالية :
ï السهر وعدم القدرة على النوم لأيام .
ï التسلط عليه في منامه بالأحلام المزعجة .
ï الصداع الشديد .
ï الوسوسة الشديدة التي سرعان ما تتحول إلى صداع وضيق وحزن وكئابة .
ï التسلط عليه بالآلام الموجعة أو بضيق النفس .
ï الوسوسة له بالانتحار ، أو التسبب في قتله .
ï منع المريض من الأكل ( يجعله لا يشتهي الأكل ) .
ï يعري المريض من ثيابه أمام المحارم وغير المحارم .
ï منع المريض من الذهاب إلى العمل أو المدرسة ومنعه من القيام بواجباته اليومية.
ï تعريض المريض للحوادث والمواقف المحرجة .
ï صرف المريض عن الرقية .
وهذا لا يعني أن يحبهم أو يركن لهم ويطيعهم في كل أمر ، بل يتعامل معهم على حسب الحال ، ويكون الراقي مع الشياطين بين الشدة واللين . يقول أبي الحسن الماوردي في كتابه أدب الدنيا والدين : وينبغي أن لا يكون بتأليف الأعداء لهم راكنا، وبهم واثقا ، بل يكون منهم على حذر ، ومن مكرهم على تحرز، فإن العداوة إذا استحكمت في الطباع صارت طبعا لا يستحيل ، وجبلة لا تزول ، وإنما يستكفي بالتأليف إظهارها ، ويستدفع به أضرارها . كالنار يستدفع بالماء إحراقها، ويستفاد به في إنضاجها ، وإن كانت محرقة بطبع لا يزول ، وجوهر لا يتغير . يقول الشاعر :
إذا عجزت عن العدو فــداره *** وامْزحْ لــــه إن المِزَاحَ وِفاقُ
فالنارُ بالماء الذي هو ضدها *** تُعْطِي النضاج وطبعها الإحراقُ
يقول رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الْحَرْبُ خَدْعَةٌ . رواه الشيخان ، ويقول الله سبحانه وتعالى:} لاّ يَتّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاّ أَن تَتّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذّرْكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَىَ اللّهِ الْمَصِيرُ{ [آل عمران:28] . يقول إبن كثير في تفسيره لهذه الآية : نهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين ثم توعد على ذلك فقال تعالى: } وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْء { أي ومن يرتكب نهي الله في هذا فقد برىء من الله كما قال تعالى : }يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ عَدُوّي وَعَدُوّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُمْ مّنَ الْحَقّ يُخْرِجُونَ الرّسُولَ وَإِيّاكُمْ أَن تُؤْمِنُواْ بِاللّهِ رَبّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَآءَ مَرْضَاتِي تُسِرّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدّةِ وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلّ سَوَآءَ السّبِيلِ{ وقال تعالى: }يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ للّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مّبِيناً{ وقال تعالى :} يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنّصَارَىَ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلّهُمْ مّنكُمْ فَإِنّهُ مِنْهُمْ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ { . وقال سبحانه وتعالى بعد ذكر موالاة المؤمنين من المهاجرين والأنصار والأعراب: }وَالّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ إِلاّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ{ وقوله تعالى:} إِلاّ أَن تَتّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً { أي من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته كما ذكر البخاري عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أنه قال إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ .
وقال الثوري: قال ابن عباس: ليس التَّقِيَّة بالعمل إنما التَّقِيَّة باللسان وكذا رواه العوفي عن ابن عباس إنما التقية باللسان وكذا قال أبو العالية وأبو الشعثاء والضحاك والربيع بن أنس ويؤيد ما قالوه قول الله تعالى: } مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{ وقال البخاري: قال الحسن التقية إلى يوم القيامة ، ثم قال تعالى:}وَيُحَذّرْكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ { أي يحذركم نقمته في مخالفته وسطوته وعذابه لمن والى أعداءه وعادى أولياءه. ثم قال تعالى: } وَإِلَىَ اللّهِ الْمَصِيرُ{ أي إليه المرجع والمنقلب ليجازي كل عامل بعمله أ.هـ.
تعذيـــب الجــــن وحرقــه
قد يحتاج الراقي الى رقية المريض بنية التعذيب والحرق في بعض الحالات ، ومن المعلوم بالتجربة أنه يوجد صنف الجن لا يتوقف عن تعذيب الممسوس إلا بعد رقية مطولة وبنية الحرق ، والجن والله أعلم على اختلاف أصنافهم ومراتبهم ودياناتهم يقترنون بالإنسان ولكن من خلال المتابعة لكثير من الحالات تبين أن غالبية الشياطين التي تقترن بالإنس من اليهود والذين أشركوا ، يقول الله سبحانه تعالى:} لَتَجِدَنّ أَشَدّ النّاسِ عَدَاوَةً لّلّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالّذِينَ أَشْرَكُواْ {[ المائدة:82] . والشيطان المقترن بالإنسان يتأثر كثيراً بما يلي:
1- عند الدعاء عليه .
2- قراءة الآيات التي تحاكي في مضمونها سبب دخوله في جسد المصاب ( سحر، حسد ، عشق ، ظلم ) .
3- قراءة الآيات التي تحاكي في مضمونها أثر فعله في المصاب . فلو كان الجني يؤثر على المصاب بالتفريق تقرأ عليه آيات التأليف ، إذا كان الجني يؤثر على المصاب بالضيق تقرأ عليه آيات الإنشراح .. الخ .
4- قراءة الآيات التي تمثل خِلقَته ( طائر ، كلب ، حية ) انظر باب تذكرة الإخوان.
5- قراءة الآيات التي تخاطب الشياطين والظالمين والمجرمين وما أعده الله لهم من عذاب النار والأغلال والسلاسل والزقوم .
6- رشه بالماء المقروء عليه الرقية وقت الرقية ، ويتأثر الشيطان من الماء وقت الرقية ولو لم يقرأ على الماء خصوصا إذا كان الماء بارداً ، وتأثره وقت الرقية أشد بسبب حضوره الكلي أو الجزئي .
7- أغلب الجن تتأثر عند التعيين في الدعاء ، فلو كان سحراً وحدد في الدعاء نوع السحر ومكان السحر وبلد الساحر لتأثر الجني ، ولو كان التلبس بسبب الحسد وعُين سبب الحسد في الدعاء لتأثر الجني .
8- قراءة الآيات التي تذكر ديانته ومعتقده .
ويمكن معرفة ديانة ومعتقد الجان المقترن من خلال المعطيات والأحلام والرقية ، فالذي به جن مسلم يقول لك إنني كثيراً ما استيقظ قبيل الفجر أو كثيراً ما اسمع الآذان او يقول لك اني كثيراً ما احلم انني اقرأ القرآن او يقول لك إنني أتعب عندما أسمع الغناء أو أتضايق عندما أكون مع إنسان به جن كافر ... الخ ، والذي به جن نصراني أو يهودي أو كافر تجده في نفور عن الطاعات ويحلم بالكنائس ويسمع اصوات النواقيس ويرى الصلبان والقساوسة ، أو يرى رجالاً على رؤسهم قبعات ولهم شعور طويله وظفائر تدله أنهم يهود ، وغالب من به جن كافر تراوده شكوك في عقيدته ووساوس في صلاته ، وينزعج عندما يسمع الآيات التي تخاطب الكفار من اليهود او النصارى ، جاء في سنن أبي داوود عن ابنِ عَبّاسٍ أنه قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: يَا رَسُولَ الله إِنّ أَحَدَنَا يَجِدُ في نَفْسِهِ يُعَرّضُ بالشّيْءِ لأنْ يَكُونَ حُمَمَةَ أَحَبّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلّمَ بِهِ. فقَال: الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ الْحَمْدُ لله الّذِي رَدّ كَيْدَهُ إِلى الْوَسْوَسةِ. قالَ ابنُ قُدَامَةَ: رَدّ أَمْرَهُ مكَانَ رَدّ كَيْدَهُ.
حرق الجني المسلم : قبل حرق الجني المسلم يجب أن يبين له أن اقترانه بالإنسي ظلم ويبين له والحلال والحرام ويقرأ عليه آيات الظلم والنفاق وما أعد الله لهم من العقاب الشديد ، ومن ثم يمهل ثلاثة أيام أو نحوها لعله أن يتقي الله ويخرج ، فإن أبى يهدد بالحرق ويقرأ عليه آيات الحرق حتى يتعذب ولكن لا تطيل في القراءة حتى لا يموت إن كان ضعيفا ، وبعد القراءة يتوعده المعالج بأنه سوف يستعين بالله ويحرقه حتى الموت إن لم يخرج ، ويمهله ثلاثة أيام أخرى أو نحوها ثم يرجع المصاب ويقرأ عليه فإن وجد المعالج الجني المسلم لا يزال في جسد المريض ، فيستعين بالله ويقرأ عليه قراءة مطوله ( ثلاث ساعات متواصلة أو نحوها ) بنية الحرق ، يكرر عليه الرقية المطولة في أيام متتالية حتى يأذن الله بخروجه أو بهلاكه .